اعل ولد محمد فال في أول مؤتمر صحفي له: "الانقلابات هي الطريقة الوحيدة المتاحة للتناوب علي السلطة"

أمام حشد كبير من الصحافة الوطنية والدولية بحضور الوزير الأول سيد محمد ولد بوبكر وبعض أعضاء حكومته افتتح العقيد اعلي ولد محمد فال رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية -رئيس الدولة- مؤتمرا صحفيا استمر أزيد من ساعتين..


في البداية أبدى الرئيس اعلي ولد محمد فال للحاضرين عذره في التحدث باللغة الفرنسية لإشراك الجميع؛ بيد أن الأغلبية الحاضرة أكدت أن الاستفادة ستكون أعم إذا استعمل الرئيس اللغة العربية ليستجيب اعلي قائلا: "إذا كانت الأغلبية تفضل أن أتكلم بالعربية فأنا مجبر على رأي الأغلبية.. وبدأ اللقاء بعرض مطول قدمه الرئيس اعلي ولد محمد فال قائلا: "السلام عليكم ورحمة الله؛ بداية أريد أن أرحب بكم جميعا في أول لقاء معكم، وأنبه إلى أنه لقاء مخصص للصحافة الوطنية أولا -قبل كل شيء- لأن محاوره الأساسية موجهة للموريتانيين؛ مع ترحيبنا بالصحافة الدولية الموجودة معنا الليلة.. بادئ ذي بدء أريد أن أقول إن الأفكار التي سأتناولها الآن ليست آيات قرآنية؛ أعني أنها ليست معصومة من الخطإ؛ لكنها قناعات خالصة من القلب رأينا أنها من مصلحة الجميع، وتصب في بوتقة الطالح العام، ويهمنا أن تسمعوها -ويسمعها المواطن من خلالكم- وسنحاول الدفاع عنها لقناعتنا بأهميتها في هذه الفترة؛ وأكرر أنها ليست معصومة؛ لهذا سندافع  عنها ما دمنا نرى أنها الأصلح والأنجع؛ هذا فيما يخص النقطة الأولى، أما النقطة الثانية التي جعلتنا نحرص على لقائكم هذا المساء فهي أننا نقر حق الصحافة الوطنية والشعب الموريتاني في الاطلاع على الأفكار التي يراد تطبيقها عليه قبل دخولها حيز التطبيق؛ لكي يتم إثراؤها وتنقيحها، لتتلاءم مع الواقع من جهة؛ ومع طموحات وآمال الجميع من جهة ثانية.


أما النقطة الثالثة -وكنت قد أشرت إليها في لقاءات سابقة مع الفاعلين السياسيين- فهي إرادة المجلس العسكري في تجسيد علاقة جديدة بين الحكومة والشعب من قوى مجتمع مدني وحملة رأي.. بحيث لا يكون علاقة تنافر وتصادم؛ بل علاقة حوار وأخذ وعطاء وتكامل..


ولكي تكون العلاقة على هذا النحو يجب أن يكون نقاش أمورنا بالتشاور -دائما- بين القيادة والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني.


وهنا أريد أن أجيب على سؤال ملح هو: ماذا نريد مما جرى يوم 3 أغسطس؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد أن أعود بكم إلى الوراء لأقول إن موريتانيا ظلت محكومة -عبر تاريخها السياسي- محكومة بنظام الحزب الواحد منذ الاستقلال؛ مرورا بالأنظمة العسكرية.. وحتى بعد فترة دستور1991 حيث عدنا من جديد لنظام الحزب الواحد؛ والمشكلة المطروحة أن نظام الحزب الواحد غير مقبول ولا مستساغ في القرن الواحد والعشرين؛ لقد كان هذا النظام مقبولا في الستينات والسبعينات في منطقتنا، واليوم نحن في مناخ سياسي إقليمي مختلف؛ لننظر إلى دول الجوار مثلا: المغرب يعتمد نظاما ديمقراطيا برلمانيا، والجزائر ذات نظام ديمقراطي، أما في الجنوب والشرق فإن السنغال ومالي تعتمدان نظام التناوب الديمقراطي.. إذن حالتنا أصبحت نشازا في المناخ الإقليمي؛ مشكلة بركان مميتا لا يدري أحد متى يثور، وما يمكن أن ينجم عن ثورانه من مآس؛ وأعود لأقول إنها ليست قضية شخصية.. وإنما قضية نظام كان يسير بلادنا من 1960 وحتى الثالث من أغسطس 2005 سواء من كان يقود أو يرأس النظام في مختلف الفترات.. تذكرون انقلاب يوليو 1978 وما تلاه من انقلابات وانقلاب.. فلم يسلم أي نظام من الانقلابات؛ لأنها الطريقة الوحيدة المتاحة حين يغيب الرأي الآخر.. وأي نظام يعتمد سياسة الحزب الواحد ذي الرؤية الأحادية سيكون مآله انقلاب؛ ولا أحد يدري -أو يمكنه تقدير- عواقب الانقلابان؛ إذ كم من دول راحت صحية حروب أهلية وخراب ودمار بسبب الانقلابات؛ ولم تستطع المنظمات الدولية والقوى الخارجية إعادة الأمور إلى نصابها في تلك البقاع.. تذكرون المآسي التي أحدثها الانقلاب في إفريقيا.. وفي منطقتنا بالذات؛ هذا هو مصير هذا النوع من الأنظمة.. لسبب بسيط؛ هو تولي شخص فيه لجميع مقاليد السلطة لمدة 20 سنة بعقلية توريثها لولده؛ إن شخصا هكذا سوف تسوء العلاقة بينه مع شعبه، وسوف تختل كل الموازين في بلده، لأنه ينظر إلى الأمور من منظور واحد، ومن زاوية واحدة، وبرؤية واحدة؛ هدفها الأسمى هو المحافظة على السلطة بأي ثمن.. وهنا تتراكم المشكلات حتى الانفجار؛ إذ ليست هناك قابلية نمو جيل جديد بطرح جديد، وهكذا فلا بديل لدى الموريتانيين؛ أضف أن نظاما هذا نهجه سوف يولد النقمة؛ ومع تطاول عهده تتزايد تلك النقمة.. لأن نظام الشخص الواحد غير مسؤول أمام أحد؛ ولا بديل عمليا عن وجهة نظره.. إن هذا النوع من الأنظمة لا يمكن أن يستبدل إلا من خارج النظام؛ إما بانقلاب أو بحرب أهلية.. فما الحل إذن؟!


الحل -حسب اعتقادنا- أنه لا يمكن علاج سلبيات الحزب الواحد الذي طبع المشهد السياسي الموريتاني منذ الاستقلال إلا بالعمل في الاتجاه المعاكس كليا لهذا النهج؛ وإذا كانت الأسباب المبررة لإزالة الحكم بطرق غير شرعية هي إقصائية النظام فإننا -مع التناوب- سوف نحل مشكلة إزالة أي نظام، وبطرق شرعية؛ وهذا الذي يعطي للبلد وجها آخر وأسلوبا آخر لحل مشكل الاحتفاظ بالسلطة الذي يتنافى مع قيم الديمقراطية والتنمية والعدالة.. وهنا أريد أن أذكر الأمور بصراحة؛ لأن القضية قضية وطنية.. نحن أمام مشكلة كبرى لا بد لحلها من النخبة والطليعة؛ هذه المشكلة تتمثل في كون شعبنا يعاني من الطفولة السياسية، فشعبنا لم يتحمل بعد -حتى اليوم- مسؤولياته السياسية، فمع كل نظام تأتي جماعة بوجبة جاهزة إلى الشعب وتطلب منه مباركة هذه الوجبة أو الكعكة؛ والمباركون لهذه الوجبة -أو الكعكة- يختلف مستوى ولائهم لهذا النظام أو ذاك بحسب إشراكهم فيها.. أي بحسب نصيبهم من الغنيمة؛ وهكذا فرضت الأنظمة المتعاقبة عقلية الانتهازية على الشعب بالسلطة؛ فالوجبة سمينة في نظر زيد إذا كان وافر الحظ فيها، وهزيلة عند عمرو لأنه لم يظفر بنصيب منها.


هذه هي مسألة النظام السابق؛ فهل الشعب اليوم مستعد لتحمل المسؤولية؟ هذا علم غيب؛ لكننا نأمل ذلك؛ إذ أنه في حالة حياد الإدارة والحكومة ومختلف أجهزة الدولة سوف يصل الشعب إلى السلطة عن طريق من يختار بنزاهة؛ وهنا ستصبح الوجبة من إنجاز الشعب نفسه، ولم يتحمل مسؤوليتها غيره؛ لذلك فإن الطليعة السياسية ونخبة البلد مطالبة بالخروج من عهد الطفولة السياسية.. فالهم أصبح هما عاما، والإصلاح أصبح من مسؤولية الجميع؛ لأن العلاقة بين الحاكم والمحكوم أصبحت من نوع آخر..


البعض يخشى من هذا الأمر، ويرى أنه مستحيل؛ وهنا يفتح الاحتمال أمام أمرين: إما أن يؤجل منح السلطة لتتفاقم الأزمة القابلة للانفجار كما أسلفت، أو نحاول حل الأزمة مع أمل كبير في نجاح مهمتنا؛ ونحن نراهن على نجاعة الحل بالاحتمال الأخير.. هذا هو رأينا الذي نعمل من أجله.


أشعركم أيضا أن اللجان الثلاث قد انتهت أعمالها الآن؛ وعلى هذا الأساس سوف نبدأ المشورة في القريب العاجل، أي في حدود الثاني عشر أو الثالث عشر من الشهر الجاري؛ وقد كانت النتائج جيدة، والأمور تسير على ما يرام في هذا الاتجاه.
هناك نقطة أخرى تتعلق بحالة البلد، والبعض كتب أن البلد في حالة يرثى لها؛ أريد -فقط- أن أقول إن البلد اليوم مثل بقالة مشحونة بالعلب؛ لكنها منتهية الصلاحية!!


ولتقديم صورة أدق عن الوضعية الاقتصادية والمالية أحيلكم إلى معالي الوزير الأول سيد محمد ولد بوبكر.." يقول الرئيس اعلي ولد محمد فال


ولد بوبكر: "العجز في الميزانية وصل 37.3 مليار أوقية قبيل 3 أغسطس"


قال سيدي محمد ولد بوبكر -مكملا عرض الرئيس اعلي ولد محمد- فال: "سوف أحاول بإيجاز أن أعطي بعض التوضيحات حول الوقع الاقتصادي أساسا؛ فحسب معلوماتنا اليوم فإن المديونية بلغت أرقاما مذهلة، ونعدكم في القريب العاجل بإعطاء صورة عامة -وبالأرقام- عن الاقتصاد الوطني؛ كما نعدكم بانتهاج شفافية تامة.. هناك قضايا ملحة لا بد من إعلامكم بها؛ من قبيل الاختلالات الكبرى في الميزانية.. حيث بلغ العجز في الميزانية 37.3 مليار أوقية قبيل 3 أغسطس الماضي؛ مما يشكل 7.6 من الناتج الداخلي الخام، ومن المنتظر أن يتضاعف العجز مع نهاية هذا السنة؛ ليصل إلى حوالي 80 مليار أوقية (حوالي 15% من الناتج الداخلي الخام) هذه الأرقام معبرة -لدى الاقتصاديين- عن سوء تسيير واضح للاقتصاد الكلي؛ وهذه الوضعية غذتها تراكمات سوء التسيير في السنوات الأخيرة بشهادة مؤسسات النقد الدولي؛ ويمكنكم الاطلاع مباشرة على الأرقام من موقع البنك الدولي على الانترنت..


أريد أن أوجز لكم أيضا أمثلة من سوء تسيير مؤسسات عمومية وطنية تتميز بعجز مالي كبير، وعجز في وسائل الإنتاج؛ إذ توجد مؤسسات انتهى العمر الافتراضي لمعداتها في حين لم يتم مجرد التفكير في إعادة تأهيلها؛ وهذا ما كان له بالغ الأثر على مؤسسة الكهرباء (صوملك) التي تقدر مديونيتها بمليارين وستمائة مليون (2.600.000.000) وعمر تجهيزاتها يزيد على 15 سنة وليس هناك تصور لإعادة بناء -أو ترميم أو إصلاح- التجهيزات التي لا تخضع لأية صيانة؛ أما مديونية الشركة الوطنية للمياه البالغة مليارين وثلاثمائة مليون (2.300.000.000) فقد كان لسوء تسييرها وضعف بنيتها التحتية تأثيرهما الكبير على الأحياء الشعبية؛ حيث ارتفع سعر الماء 30 مرة مقارنة مع سعره العادي في المناطق غير المتضررة.. مديونية سونمكس تصل 5 مليارات، والخطوط الجوية الموريتانية وصونادير.. أغلب مؤسسات الدولة مقيدة بمديونيات كبيرة، ولمواجهة هذه الوضعية قامت الحكومة -ولا نريد أن نقنع ناخبين- بإجراءات تكفل حسن التسيير إذ لم يعد مقبولا إنفاق غير مبرمج في الميزانية أصلا؛ كما لم يعد مقبولا إبرام صفقات دون إعلان مناقصة.. إننا أيضا نسعى لمحاربة الرشوة، وفرض شفافية وعدالة في الضرائب؛ وسوف نكون واضحين في تعاملاتنا أمام الرأي العام، وأمام الصحافة بصفة خاصة؛ ونرجو منها (الصحافة) تسليط الضوء على كل من يعتمد سوء التسيير والرشوة.. لفضحه أمام الملإ؛ لكن عليها -في المقابل- الإشادة بكل من يسير في فلك الحكم الرشيد من مسؤولين ومديري مؤسسات.. كي لا يختلط الحابل بالنابل، والصالح بالطالح؛ يؤسفني أن أقول لكم إن سوء التسيير واختلاس المال العام أفرزا الوضعية السيئة سالفة الذكر؛ التي أثرت سلبا في علاقاتنا مع الممولين، فلم نعد نحصل على إعانات مالية لدعم الميزانية، وأصبحنا مهددين بعدم شطب الديون البالغة 831 مليون دولار.. لهذا قررت الحكومة فتح جميع الملفات؛ والتعامل بشفافية مع الممولين.. وهذا يتطلب شجاعة سوف ندفع ثمنها؛ لكنه أفضل من سياسة النعامة.. إذن الوضعية صعبة؛ ولكن الآفاق واعدة في سياسة تسيير المناجم والموارد المعدنية والبترول؛ ونحن واثقون أن الموارد القادمة -إذا ما سيرت تسييرا حسنا- سوف تمكننا من وضع بنية تنموية معتبرة".

 

العقيد اعلي من جديد


بعد مداخلة ولد بوبكر استعاد العقيد اعلي ولد محمد فال الميكرفون قائلا: "أريد أن أوضح أن المديونية تناهز دخل البترول لمدة عامين؛ إذن فنحن ندفع الآن فاتورة ماضية حجبت سياسة الطلاء المنتهجة من قبل نظام الحزب الواحد جانبها المأساوي.. هذا الطلاء أدخلنا أسوأ علاقة مع الممولين؛ هذا ما أوصلنا له النظام البائد.. إذن نحن مطالبون بالشفافية مع المواطنين ومع الممولين الأجانب بعد عشرين سنة من غش المواطنين وغش الممولين.

 

وقائع المؤتمر الصحفي


بعد العرض المطول الذي قدمه اعلي وتخللته مداخلة ولد بوبكر فتح المجال لأسئلة الصحفيين؛ وقد كان اعلي ولد محمد فال -بشهادة الصحفيين الحاضرين- صريحا وواضحا إلى أبعد الحدود.


"لماذا لا تتبعون رموز الفساد؟" كان هذا هو أول سؤال يمتحن به الصحفيون جرأة اعلي ولد محمد فال -في أول لقاء بالصحافة الوطنية- وكان جوابه: "إن الفساد ناتج عن نظام معين؛ وفي ظل ذلك النظام لا محيد عن الفساد، وهنا تتعلق القضية بنظام لا بشخص؛ إن العضوية في الحكومة كانت مشروطة بالفساد.. ما الفائدة من تحديد المسؤولية؛ الواقع أننا نسعى لإحداث قطيعة مع الماضي ونهتم بالحاضر والمستقبل".


وحول عودة الرئيس ولد الطايع إلى موريتانيا قال اعلي ولد محمد فال: "الرئيس السابق مواطن موريتاني؛ وليس هناك قانون يمنع أي موريتاني من العودة إلى بلده.. لكن فيما يخص ممارسته للسياسة فأعتقد أن للشعب الموريتاني كلمته وموقفه.. ولكل مقام مقال".


وحول موضوع "الإرهاب" أوضح العقيد اعلي أن "ديننا وعاداتنا تنبذ كل أشكال الإرهاب.. وبكل شدة وقوة؛ نحن نرى أن تحدي الإرهاب تحد أمني يهددنا -كأي جزء من العالم- ونعمل على أن لا يكون له امتداد على أرضنا، ونتعامل مع المجتمع الدولي بنزاهة في هذا السياق.

 

علاقاتنا بإسرائيل ليست على حساب أحد!!


موضوع إسرائيل شكل -بدوره- محورا من استشكالات الصحفيين؛ غير أن الرئيس اعلي ولد محمد فال كان جاهزا للرد على ما يبدو؛ يقول اعلي: "العلاقات مع إسرائيل قلت فيها ما قلته؛ وأعيده حتى لا يكون هناك لبس.. نحن كنا -دائما ولا زلنا- مع الحق الفلسطيني، وتلك هي قناعتنا؛ وكان لنا خطابنا قبل مرحلة الحوار.. ولقناعتنا بأن السياسة الراهنة هي الكفيلة بضمان حقوق إخوتنا الفلسطينيين فنحن متمسكون بنهجنا؛ وعلاقاتنا مع إسرائيل ليست على حساب أحد"

 

المعتقلون اليوم.. مجرمون! ولن نرخص لحزب "حمد" المعتبر إسلاميا!!


في رده على سؤال يتعلق بمعاناة المعتقلين الإسلاميين اليوم قال العقيد اعلي: "المعتقلون اليوم لا ينطبق عليهم العفو السياسي؛ وهم على فرقتين: فرقة تدربت في الخارج، وجاءت لتقوم بأعمال إرهابية، على غرار أعمالها في دول أخرى؛ والجماعة الأخرى أنشأت تنظيما سريا، وأنجزت عملية -أو عمليتين- على الأرض الموريتانية.. وكلاهما تحت أمر العدالة الآن، وسوف تتم محاكمتهم" وفي دفاعه عما اعتبره صحفي تدخلا في سير العدالة باتهامه للجماعة -أو شهادته عليها- بالإرهاب -مما قد يعرقل سير العدالة- قال اعلي ولد محمد فال: "ما قلته ليس تهمة، وأنا متأكد منه؛ ولدينا الأدلة والبراهين عليه.. وللعدالة شؤونها الخاصة؛ ونحن لا نتدخل فيها".


وخلاصة ما قاله العقيد اعلي ولد محمد فال بشأن الترخيص لحزب "حمد" أن "موريتانيا جمهورية إسلامية؛ وأحد يريد خلق جمهورية إسلامية جديدة، فهو بمثابة تحصيل حاصل.. أو طعنا في إسلام الآخرين؛ وإذا كان الإسلام إسلامنا جميعا فإننا لن نقبل -بأي حال- حزبا إسلاميا.. الناس يعتبرون ويعرفون أن حزب حمد حزب إسلامي ويلقبونه بهذا اللقب؛ ولن نقبل حزبا من هذا النوع.. أما بخصوص مشكل المواطن محمدُ ولد صلاحي المعتقل في اكونتنامو فإنني أؤكد لكم أننا على اتصال بالجهات المعنية؛ وسوف يجري عليه ما يجري على باقي المعتقلين".

 

نتطلع إلى مستقبل زاهر في العلاقات مع العالم العربي


وحول موقف المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية من اتحاد المغرب العربي أكد العقيد اعلي ولد محمد فال "حرص القيادة -في الفترة الانتقالية- على كل ما من شأنه تنقية الأجواء بين الأشقاء في المغرب العربي.. إن العصر عصر تكتلات إقليمية، والشراكة ضمن التكتلات أنجع وأهم؛ والاتحاد الأوروبي شاهد على ذلك..


إن مشكلة التكامل بين دول المغرب العربي تتطلب -بالطبع- حلا نهائيا لقضية الصحراء، ونحن نؤكد دعمنا المبدئي لأي حل ضمن لجان الأمم المتحدة المكلفة بالقضية".


وفي معرض حديثه عن إعادة بناء العلاقات مع دول الخليج قال العقيد اعلي: "إننا نسعى لتأكيد أهمية الحاضر والمستقبل والقطيعة مع الماضي؛ وإذا كانت هناك قضايا عالقة فإننا مستعدون لحلها مع الأشقاء في الخليج العربي".

 

لا يمكن إهمال أهمية المرأة


في جواب على سؤال حول مكانة المرأة في المرحلة الانتقالية قال العقيد اعلي: "إنني أقول -وأؤكد- من جديد أن اقتناع الحكومة الانتقالية أنه بدون الأخذ في الاعتبار 53 إلى 54% من الشعب الموريتاني لا إصلاح له ولا تفكير".

 

لا خلاف بين المجلس العسكري


هذا ما أكده اعلي ولد محمد فال في جواب على شائعات خلاف بين المجلس العسكري -وحتى بين أعضاء الحكومة- إذ قال: "هذه شائعات يبدو أن من كان يروج لعكسها في الجانب الآخر مصر على ترويجها الآن؛ لكنني أريد أن أطمئنكم على أن كل أعضاء المجلس العسكري مجمعون على صحة النهج؛ ووطنيون في تطبيقهم لهذا النهج، ولا يوجد بينهم خلاف على الإطلاق -إذ لا مبرر للخلاف بين أعضائه- وكل منهم يؤدي الدور الذي تمليه عليه وطنيته؛ كما لا يوجد خلاف بين أعضاء الحكومة.. ولا حتى بين الحكومة والمجلس؛ ولا ينبغي أن ننصت لمثل هذه الشائعات.. لا أحد يريد شيئا لنفسه؛ فبالتالي لا مبرر للخلاف، ولا يجوز هذا النوع من الذم"

 

لا نقبل عودة المبعدين وفق إجراءات معينة


وفي رده على سؤال حول إجراءات عودة المبعدين الموريتانيين في السنغال منذ 1989 قال ولد محمد فال: "أعيد -وأكرر- أننا نرحب بعودة أي موريتاني إلى أرض الوطن؛ وهو حق شرعي لا يمنه عليه أحد.. وإذا كانت أوراقه قد ضاعت -أو فقدت- فعليه أن يصل إلى الحدود مع موريتانيا وسوف يحقق معه بعدالة؛ فإذا كانت القرائن تؤكد موريتانيته فإننا نرحب به.. أما أن تتم عودة فرد -أو جماعة- وفق إجراءات معينة فهذا ما لا تسمح به فترة انتقالية؛ وليس من صلاحياتنا.. لكن إذا أجريت الانتخابات وسلمنا الحكم لهيئات منتخبة فإن موضوع الإجراءات المعنية للعودة يمكن نقاشه وطنيا لاتخاذ الإجراء الذي يراه الموريتانيون صائبا ومنصفا؛ وقضية المبعدين قضية وطنية، والتهرب من القضايا الوطنية أمر غير وارد إطلاقا.

 

التحقيق جار في قضية أفلام الخلاعة


في رده على سؤال حول ما وقع -في السجن المدني- من تصوير أفلام خليعة (أفلام الجنس) أحال الرئيس اعلي ولد محمد فال الجواب إلى الأستاذ محفوظ ولد بتاح وزير العدل الذي قال إن "التحقيق جار حول ما نشرته مجلة (بوين شو) حو ل ما سمته تسجيلا قيم به داخل السجن المدني؛ وفد فتحنا تحقيقا إداريا وقضائيا، ووجهنا إنذارين: إلى مسير السجن، وإلى إدارة السجون.. ويتواصل التحقيق لمعرفة من له علاقة بالملف لإحالته ومحاكمته".

 

الكوليرا.. أكلة المال العام.. دور المجلس العسكري.. معايير التعيين..


نقاط متفرقة تطرق لها الصحفيون، ونالت إجابات من العقيد اعلي ولد محمد فال؛ حيث قال في شأن وباء الكوليرا: "لقد سيطرنا على تطور الوباء داخل المستشفيات؛ مع أن الكوليرا وافدة من دول الجوار.. وكما تعلمون فإنه يتعذر إغلاق الحدود مع الجيران". وحول قدرة أكلة العام -الذين لم يحاسبوا- على توظيف مدخراتهم المالية في الانتخابات القادمة أكد اعلي: "لقد قلت ما قلت في هذه النقطة؛ وإذا كان هناك مترشح يعلم الشعب أنه من أكلة المال العام فعليه أن لا يصوت له".
وعن دور المجلس العسكري فيما بعد الفترة الانتقالية أجاب اعلي: "أنا لا أعلم الغيب؛ لكننا نؤكد أن دورنا ينتهي عند تسليم الحكم لرئيس منتخب بطريقة شفافة".


وحول معايير التعيين في حكومة الوزير الأول -سيد محمد ولد بوبكر- أجاب اعلي ولد محمد فال: "إن مشكلة التعيين مشكلة كبرى في موريتانيا؛ وكأن التعيين هو الذي تحاكم صحة البرامج على أساسه؛ ولا أحد يتحدث عما نواجه من مشكلات.. الكل يتحدث عن التعيين؛ وهنا أؤكد أن جميع المعينين ليسوا من الصين ولا من تايوان.. فكلهم موريتانيون؛ وحسب سيرهم الذاتية نعتقد أنهم مؤهلون للمهمات الملقاة على عواتقهم.. والكمال لله فقط؛ دعونا ندرسهم من خلال المهمات الموكلة إليهم.. وبعد ذلك ننتقدهم عبر الصحافة؛ ولكن بموضوعية.. وبعيدا عن الأهواء، والحسابات الضيقة، والأغراض الخاصة..

 

 

السفير العدد رقم 192