قصة أول رجل يطبق فيه حكم الإعدام بموريتانيا

 الحسين ول احمين سالم حفار قبور بسيط يحب الأطفال ويلاطفهم كان عظيم الهامة كث الشعر بارز الأسنان وكنا ونحن صغار نتحلق حوله فيلاعب أصابعنا بأغنية ” اقطع بالمش اقطع بالمش” ثم يدغدغنا فننخرط في الضحك البريئ،

حولت مقبرة لكصر إلى الرياض فانتقل ول احمين سالم مع طاقم الحفارين إلى الرياض لكنه دأب على زيارة لكصر بين الفينة و الأخرى فكان ينتقل بين ” فور امبارك الشلحي” والمعارف وسوق لكصر القديم والسوق الجديد الذي أقيم حديثا قرب الكبة على العلب الفوڭ، وعند المساء يحمل حسين أشياءه الصغرى، ما جمعه من اللحم والخضار والألبسة ويرحل إلى الرياض.

سرت أنباء عن اختفاء ولد احمين سالم وجدّ الأهالي والمعارف في البحث عنه وفي أنباء اختفائه فحزن الصغار قبل الكبار لاختفاء رجل أحبوه، وبما أن القاتل لاينجو من الغم فقد لاحظ الناس الغم على وجه الحفار سيدي ولد معط ولاحظ أحدهم أن أحد القبور يبدو غير طبيعي فحامت الشكوك وجاءت الشرطة فانهار سيدي واعترف أنه قتل صديقه ول احمين سالم غيلة ودفنه في ذلك القبر.

تمت المحاكمة سنة 1980 إبان تطبيف ولد هيداله للشريعة الإسلامية، فطبق أول حكم في القصاص على ولد معط.

بنيت الخيام خارج انواكشوط على شاطئ البحر ودعي الناس لحضور تطبيق الشريعة وكانت الحدود المطبقة تشمل القصاص وقطع الأيدي والجلد، وحضر الإمام بداه ولد البصيري والمدعي العام القاضي ابين ولد ببانه والطبيب عثمان ولد يالي وعلماء وقضاة وبعض المسؤولين وجمع غفير من سكان انواكشوط..

قرأ الإمام بداه بصوته الشجي النديّ بعض الآيات منها {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .. {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .. {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

وجيء بالمتهم القاتل سيدي ولد معط نزعت عنه القيود وطلب منه الإمام بداه أن يصلي ركعتين فصلاهما، وطلب هو أمنية أخيرة قبل تنفيذ الحكم وهي أن يدخن فسمح له بذلك، أخرج بيته وملأ عظمه وأخذ نفسا عميقا ونفث الدخان وأخذ نفسا ثانيا ودس العظم في البيت وسلم نفسه كان رابط الجأش قيدوا يديه و وضعوا قناعا أحمر على وجهه و ربطوه بشدة على لوح من الأسمنت وجاء ثمانية جنود ملثمون يحملون رشاشاتهم وقفوا متراصين وصوبوا بنادقهم باتجاه المتهم، صرخ القائد الملثم الواقف خلفهم بالأمر ففتح الجنود النار بـ”رفّال” في آن معا اهتز عمود الاسمنت بفعل الرصاص وهرع الطبيب الحاضر باتجاه المتهم فحصه وصرخ الرجل لايزال حيا، رجع الجنود وأعادوا الكرة فسقط رأس المتهم على صدره فعلمو أنه أسلم الروح لبارئيها.

زيد اعمر

صحيفة نواكشوط