هل من هدف للزيارة غير المعلنة لأحمد باب مسكة للبوليساريو؟

لم ينزو احمد باب مسكة قط عن الانظار بل كان في اغلب الاحيان بعيدا عنا بجسمه لكنه دائما الى جانبنا و الى جانب شعبنا المظلوم.

كان دوما صامدا الى جانب قضيتنا العادلة ، رغم الاغراءات الكثيرة ، دون ملل ولا مساومة .
كان الرجل يحب الصحراء الغربية منذ نعومة اظافره ، يتذوق الكلمات الاولى من اللغة الاسبانية على يد أحمد نجل أمير أدرار سيد احمد ولد احمد عيدة ، وقد أقنعه باختيار اللغة الاسبانية، اثناء دراسته في الثانوية ، كلغة اجنبية بدل اللغة الانجليزية.
و عندما جاءه الشهيد الولي في باريس و قال له:" نحتاج إليك ، لنصائحك،لعلاقاتك، كفاحنا يتطور و يتقوى من الداخل لكنه يعاني من الجمود و الإنسداد في الخارج". 

ماذا كان جواب أحمد باب؟

لقد رحب بالولي و رفاقه و قال أنه يدافع عن القضايا العادلة، عن حقوق الإنسان، و عن حقوق الشعوب التي تكافح من أجل الحرية و أن قضية الشعب الصحراوي أقرب إلى قلبه من كل القضايا. 

و أضاف قائلا:" ماذا عساني أن أفعل". فرد عليه الشهيد الولي:" هذه مشكلتك ، أنت كافحت و ناضلت قبلنا ، و تعرف العالم أكثر منا ، فلك الإختيار..."
و جاء أحمد باب إلى المخيمات في ربيع 1974 كي يرى و يطلع على الوضع مثلما إقترح عليه الشهيد الولي أثناء زيارته في باريس.

فبدل من أن يمكث أياماً قلائل قضى أعواماً كاملة بين ظهران أهله معززا مكرما كما يقول.

لكن لماذا غادر أحمد باب بدون سبب ظاهر، بدون خلاف و بدون نية للالتحاق بالعدو؟ هذه حالة غير عادية كما يقول البعض.

لقد أتى أحمد باب في أول مرة إلى المخيمات لمساندة كفاح الشعب الصحراوي و بعد سنوات قلائل تغيرت الوضعية جذريا حيث إلتحق بالجبهة عدة إطارات من الداخل، من الجاليات و من أوروبا و تبين له أن رسالته و دوره لم يعد ذا أهمية كما في السابق و اختار أحمد باب النضال من الخارج و بأساليب أخرى.

لم يحس أحمد باب يوما من الأيام أثناء تواجده في المخيمات بغياب الجو المفعوم بالثقة و العاطفة الذي حفه به الشعب الصحراوي قاعدة و قيادة منذ قدومه اليوم الأول.

و بعد وفاة الشهيد الولي لم يستطع أحمد باب مغادرة المخيمات حتى ترجع الأمور إلى نصابها فشارك في المؤتمر الثالث حيث تم إنتخاب القيادة الصحراوية و على رأسها محمد عبد العزيز الذي كان من رفاقه الأوائل و كان محبوبا و مبجلا لشجاعته و تفانيه في خدمة شعبه كما قال لي ذات يوم.

لقد تعهد أحمد باب للشهيد الولي بكتابة كتاب عن القضية الصحراوية، و أصبح هذا العهد أكثر قدسية بعد وفاة الشهيد الولي و عهدا أيضا لهذا الشعب الذي عانى كثيرا من الظلم و الإضطهاد.لم يكن أمام أحمد باب في هكذا ظروف الا الوفاء بعهده وهو ما حدث فعلا، حيث أصدر كتاب بعنوان "جبهة البوليساريو روح شعب" سنة 
1978.

لقد قام أحمد باب ببذل مجهود "جبار" في البحث عن حل سلمي بين الأخوين التوأمين الشعب الصحراوي و الموريتاني، و سهْل عليه المهمة تقلد بعض رفاقه مناصب قيادية و الذين كانوا يرفضون الحرب.

و هكذا تم توقيف إطلاق النار سريعا و تنظيم مفاوضات بعد سقوط النظام السابق (نظام المخطار ولد داداه) سنة 1978.

أحمد باب كان مديراً لمجلة(Afrique-Asie) الصادرة بباريس و قد تقلد عدة وظائف منها أستاذا ببعض الجامعات الباريسية ، و معداً لبرنامج التعريف بالإسلام في القناة الثانية الفرنسية (France 2).
لم ينس أحمد باب القضية الصحراوية و كان دائما حاضرا في الملتقيات و المحافل الدولية ذات الصلة، كما أكد لي أكثر من مرة في لقاءات في باريس.

أحمد باب معروف أيضا بحنكته في المفاوضات خاصة بعد نجاحه الباهر في مفاوضات مالي ي عهد الرئيس توماني توري حيال قضية أزواد.

و تجدر الإشارة أن الممثل الخاص الأممي كريستوفر روس أكد أثناء زيارته للمنطقة أنه سيتصل بالبلدان النافذة في مجلس الأمن لتحريك المياه الراكدة و الدفع بعجلة السلام إلى الأمام بالصحراء الغربية.

هل تأتي زيارة أحمد باب في هذا المضمار كحامل لرسالة من قصر الإليزي إلى قائد جبهة البوليساريو؟ فالرجل له علاقات متميزة بطرفي النزاع جبهة البوليساريو، و المغرب و الأطراف الملاحظة كالجزائر و موريتانيا ودول ذات وزن عالمي كفرنسا مما يؤهله للعب أي دور يسند له.

بالتأكيد لن تخرج هذه الزيارة عن سياق البحث عن التسوية و نتمنى من هذه الجهود ، التي تحمل في طياتها الخير للقضية الصحراوية ، أن تكلل بالنجاح و حسب إعتقادي أن تغيير موقف فرنسا من قضية شعبنا يعد واحدة من المعجزات.

الناجم سيدي