هل رضيت الثورة الأزوادية من الغنيمة بالإياب؟

بيان الحركة الوطنية أمس هزيل ومخجل ومتناقض, ومخالف تماما للاستراتيجية المرتقبة, وحوله غموض بحاجة إلى إيضاحات,
لما ذا الحراك الأزوادي غير طويل النفَس؟
ومن هنا أطالب الحركة الوطنية والجبهة العربية والمنشقين عن أنصار الدين بالانسحاب من أماكن التواجد الفرنسي لئلا تفهم ثورتهم على أنه اعتراض على القرار الأممي ومساعدة الإرهاب إلى حين, والتخلي عن أية مساعدة لوجستية أو أمنية مع القوات الفرنسية دون صدور قرار دولي بمصير الأزواد السياسي؛ فإن الحاجة إلى سواعد أبناء البلد أمسّ من الحاجة في تلك المَهَمَّة الصعبة إلى مانجويات بامكو, والموانئ العاجية.
وأطالبهم باستهداف الجيش المالي ومليشياته العنصرية ومصالح الدولة المالية في أي مكان وجدت.
أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير.
وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا.
وأطالب اللاجئين الأزواديين بالاستمرار في المهجر إلى أن تحل قضيتهم السياسية, ومطالبة العالم بأرضية تعليمية لأبنائهم الذين حرموا من التعليم هم وأجدادهم وآباؤهم تحت الاستعمار المالي البنباري أسوة بنظرائهم الفلسطينيين, بل هم أحوج لو أنصف العالم معهم؛ لأن إسرائيل لم تمنع التعليم والخدمات الصحية ولا الكهرباء عن المدن المحتلة بصورة جماعية وبشعة في فلسطين, كما فعلت الإدارة العنصرية في بامكو.
لكن الأمر بالعكس؛
ففي حين يقتل الجيش المالي المدنيين بحماية وتسهيلات فرنسية التي طالما غنت بحقوق الإنسان والعضوية في مجلس الأمن, ها هي الحركة الوطنية تطالب بعودة من نجا منهم منجى الذباب سريعا!
يوقع البيان باسم رئيس المجلس الانتقالي لدولة أزواد مع احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار!
مطالبة الحركة بكيان أزوادي يحتاج إلى توضيح؛ إن كان بحكم ذاتي فلما ذا الخجل من تفاصيله والتصريح به؟
وتحسين الظروف المعيشية والتعليمية لن يحصل تحت الحكم المالي لأزواد.
من وقع الاتفاقيات السابقة ومن موّلها ومن عاهد على تنفيذها باسم تنمية الشمال والمصالحة الوطنية ليس دون من سيوقعها الآن ويتعهد بتنفيذها وووو
نعم نتفهم القبول بحكم فيدرالي لأزواد يكون منفصلا اقتصاديا وتنمويا وإداريا بل وحتى عسكريا وهو الأهم إن أمكن مع إصرار المجتمع الدولي على وحدة التراب المالي وصدور قرارات أممية, تمهيدا لانفصال كلي عن مالي لضرورة الحفاظ على الأنفس والممتلكات.
لكن أن تكون المفاجأة من الحركة الوطنية المطالبة أمس بالانفصال بتنازلات إلى لا شيء دون وجود أرضية خصبة أصلا للحوار بين مالي والأزواد ومحاولة مالي إلصاق الإرهاب بمن هب ودب في أزواد تمهيدا لإبادتهم, هو مصيبة, وإن كانت تدري فالمصيبة أعظم.
وفي جهة أخرى بدأ بعض العسكريين الأزواد أشغل من ذات النحيين, فلا السياسي يتفاهم معهم على خطط مصلحية, ولا هم واعين لمستقبلهم سوى ما تجود به اليد العليا من أقرب المتربصين بمستقبلهم, وربما تردد بينهم أن المتعلم صار عقبة أمام ثوراتهم لكن الآن فهمتها؛ لأن المتعلم لن يبيعها بأرخص الأثمان, وهو ما لا يريدونه.
فبالأمس القريب بيد القاعدة ومخابرات بعض الدول تتصرف فيهم كالميت بين يدي الغاسل, واليوم فرنسا دون أي تنسيق أو تفاهم مسبق سياسيا, وفصيل ممن رفعوا أسلحتهم في وجه مالي يمتهن النهب والسرقة في أموال من يدعي الدفاع عنهم!
وبهذه المناسبة أشيد بمن قدموا استقالتهم من المجلس الانتقالي لدولة أزواد احتجاجا على تلك التصرفات, وأهيب بهم من الانخراط في تلك البنيات!
ومن الطرف المالي بدأت منذ الحماية الفرنسية لجيشها العنصري الظالم تقتل المدنيين ولا تفرق بين الطفل والعجوز والمقاتل الشرس, تلك هدية للحركة الوطنية مقابل الحفاظ على المدنيين إبان سيطرتها وقبولها بالوحدة الترابية لمالي إلى حين تتخلى الدولة أعني العصابات الزنجية في بامكو عن تلقيب الطوارق بالمتمردين وشذاذ الآفاق وبألصّ من شظاظ وووو!! كأن لسان حال الطارقي العادي ينشد:
ملكنا فكان العفو منا سجية  * فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتمو قتل الأسارى وطالما * غدونا عن الأسرى نعف ونصفح
فحسبكمو هذا التفاوت بيننا  * وكل إناء بالذي فيه ينضح
والشعب الأزوادي مترقب بين لاجئ ترك ماله خلفه في أيدي الناهبين الحاقدين حامدا الله على الوصول إلى ساحل موج, تتدفق ظلماته بدماء أطفال وشيوخ وعجزة, هم براءٌ من ثرواتٍ ومعادنَ زلزلت تحت وسادتهم التراب, ولم يؤرق سهادهم من قبلُ غير عُواء الذئاب.
وبين متخلف عن ركب الناجين, تسفل عينه وترتقي نظر الحزين, فلا هي براحلة توصلها, ولا بنبإ سار عن انتهاء الملاحم يطرق سمعها. ولا يدري مع طلوع أي شمس يلقى حتفه تحت ركلات الجيش المبيد, المستأسد على الضعفة والرعاة في الفيافي ومرامي البيد.
لك الله يا شعب أزواد.